كتبت : جيهان أحمد عثمان – زرقاء اليمامة
نُعاود حديثنا عن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، ونذكر هذه القصة التى انتشرت أيضا على مواقع التواصل الاجتماعى Facebook .
مُلخص القصة أنه قيل لعمر بن الخطاب رضى الله عنه ألا تكسو الكعبة ؟
فأجاب : بطون الفقراء أو المسلمين أولى ؟
القصة أيضاً طاهرها أن الفاروق عمر رضي الله عنه يقف بجانب الفقراء والمسلمين ، لكن من واقع هذه القصة نراه يرفض سُنة من سُنن الرسول صلى الله عليه وسلم .
لي قراءات فى كساء الكعبة الشريفة ، تذكرتها منذ أن كساها أول مرة ( تُبع ) ملك اليمن حتى العصر الحديث مرورا بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وتساءلت : هل من الممكن أن يُخالف عمر الفاروق رضى الله عنه سُنة من سُنن الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم ؟!
ونحن نتذكر جيداً القصة المشهورة فى تقبيل الحجر الأسود حين قال : (( إنما أنت حجر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ماقبلتك . ثم قبله )) (1)
نأتي لكساء الكعبة ، بحثت فوجدت الأتي :
1} بدأت رحلة كساء الكعبة من مصر فى عهد الخليقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث طلب من عمرو بن العاص رضي الله عنه أن يتم كساء الكعبة بنسيج القباطي المصري لجودته واتقان صنعته وظل هذا مُتبعاً حتى 1962م. (2)
2} ورد فى غاية الإحكام (3) عن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي حبيبة عن أبيه قال : كُسي البيت فى الجاهلية بالأنطاع ، ثم كساه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر وعثمان القباطي ، ثم كساه الحجاج الديباج . ” أخرجه ىالواقدي والأرزقي وابن الجوزي “
3} ماورد صحته فى كساء الكعبة من سيرة الفاروق رضي الله عنه (4) :
أولاً : عندما خُير الفاروق عمر رضي الله عنه فى تقسيم مال الكعبة وهوالذهب والفضة التى تُهدى إلى الكعبة – وقد أجاز العلماء الانتفاع بأموال الوقف – ولكنه رضوان الله عليه آثر الترك لما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم مارواه مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أنها قالت : ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لولا أن قومك حديثوا عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة فى سبيل الله ” ( رواه البخاري من حديث أبي وائل )
ثانياً : ذكر العلامة الإمام القيمي أن ابن الصلاح قال : إن الإمام مُختار فى أن يبيع غُلاف – كسوة – الكعبة أو يعطيعها الحجيج بغير ثمن ، واستشهد بقصة الأرزقي أن الفاروق عمر رضي الله عنه كان ينزع كل عام غُلاف – كسوة – الكعبة ويوزعها بين الحُجاج ، وقال أن توزيع الفاروق رضي الله عنه على أساس أنه كان يكسو الكعبة كل عام من قبلطي مصر .
الخلاصة :
نرى أنه ظلم آخر يقع على سيرة الفاروق عمر رضي الله عنه ، ظاهره صالح الرأى العام ولكن باطنه سب فى الصحابة الأجلاء .
المصادر :
1) النمري .أبو عمر يوسف عبد الله بن محمد بن عبد البر / كتاب الاستذكار . كتاب الحج . باب تقبيل الركن الأسود فى الاستلام . تقبيل الفاروق عمر الحجر الأسود ، موقع إسلام ويب : المكتبة الإسلامية ، ص 154 : حديث رقم 787
2) متحف النسيج المصري / فيلم تسجيلي من عمر بن الخطاب إلى جمال عبد الناصر . قصة كسوة الكعبة المصرية ، 2018/8/19م
3) المحب الطبري .أبي جعفر أحمد بن عبد الله / غاية الإحكام فى أحاديث الأحكام ؛ ت حمزة أحمد الزسن .- بيروت : دار الكتب العلمية ، بدون ( ص 1-7 ج 5 حديث رقم 9809 )
4) سماحة الشيخ القاضى مجاهد الإسلام القاسمي / الوقف . بحوث مختارة مقدمة فى الندوة الفقهية العاشرة لمجمع الفقه الإسلامي فى الهند .- بيروت : دار الكتب العلمية ، 2001م